حكايتان من مصر
بقلم/أ.فهمى هويدى جريدة الدستور
12/10/2008
تبرز الصحف القومية اللفتات الانسانية التى تصدر عن وزارة الداخلية¡ حينما يسمح لسجين بزيارة امه المريضة او حضور جنازة ابيه او ابنه ¡ وهى اخبار لا تكاد تعطر الاجواء حتى نقرأ فى الصحف المستقلة والمعارضة اخبار الفظائع التى يرتكبها ضباط الشرطة بحق الناس ¡الأمر الذى يجعل الحليم حيرانا¡ بحيث لا يكاد يعرف بالضبط ايهما الوجه الحقيقى للجهاز الامنى! وهل تمثله اللفتات الانسانية ام الممارسات الوحشية.
اقول ذلك بمناسبة ما تحفل به الصحف المستقلة فى مصر هذه الايام من اخبار مفزعة عن ممارسات لرجال الشرطة ¡يصعب على المرء تصديقها ويتعذر عليه ان يتجاهلها ولأن القائمة طويلة نسبيا فاننى ساعرض لحالتين تشتركان فى البشاعة والفظاعة احداهما فى الاسكندرية فى الوجه البحرى والثانية فى المنيا فى صعيد مصر
الرسالة الاولى جاءتنى على بريدى الالكترونى موقعة باسم السيدة نصرة عبد الودود محمد وقد ذكرت انها ذهبت مع زوجها حمادة عبد اللطيف لتوصيل ابنتهما مريم البالغة من العمر اربع سنوات لالحاقها بصف الحضانة فى مدرسة "الجزيرة" التى اصدر محافظ الاسكندرية قرارا باغلاقها تنفيذا لتعليمات الامن لكن ادارة المدرسة حصلت على حكم قضائى باعادة فتحها
حين اراد الرجل الوصول الى باب المدرسة تعرض له الجنود المحيطون بالمكان بالسب والشتم طالبين منه الابتعاد عن المكان
وحين واصل تقدمه اختطف منه احد الجنود الطفلة والقاها جانبا ثم انهال نفر من زملائه عليه بالضرب حتى طرحوه ارضا وبتوجيه من ضابط امن الدولة (م.ق) وتنفيذ فورى من نائب مأمور قسم مينا البصل (س.م.س) -الاسماء كاملة فى الرسالة- فانهم ظلوا يركلون الرجل باحذيتهم والضابط يقول للجنود: لاتتركوه حيا ابن الكلب .وحينما استسلم الرجل للاغماء القوه فى احدى عربات الامن المركزى واختفوا به وبعد يومين علموا نزيل المستشفى الميرى وابلغوا بانه اصيب بكسر فى فقرات العنق وتهتك شديد بالنخاع الشوكى نتج عنه شلل رباعى وعدم تحكم نهائى ودائم فى البول والبراز.
روت الزوجة فى رسالتها صدمة الاسرة والشلل الذى اصاب حياتها والترويع الذى اصاب الطفلة التى اصبحت تستيقظ من نومها كل يوم صارخة من الفزع¡ والاكتئاب الذى اصاب الابنة الكبرى التى تدرس بكلية الطب. وفى ختام الرسالة سألتنى :اين اذهب ومن يقف معى حتى ناخذ حق عائلتنا التى دمرت حياتها بالكامل .
وانا احيل السؤالين الى وزير الداخلية ومنظمات حقوق الانسان والى اصحاب الضمائر الحية فى مصر.
القصة الثانية نشرتها"الدستور" امس(السبت 11/10) وخلاصتها انه فى ظهر يوم الاربعاء 8/10 توقفت سيارة للشرطة امام منزل فى مدينة سمالوط بمحافظة المنيا وهبط منها ضابطان وبصحبتهما بعض المخبرين ورجال الشرطة¡ دخل احد الضابطين لتفتيش المكان وسأل عن صاحبه¡ فقالت زوجته ميرفت عبد السلام عبد الفتاح(30سنة) التى كانت حاملا فى شهرها التاسع ان زوجها يعمل فى ليبيا فقال الضابط انه يبحث عن مسروقات وحين حاول مواصلة التفتيش اعترضت الزوجة طريقه كما ذكر الشهود فما كان من الضابط الا ان لطمها على وجهها وبصق عليها ثم ركلها فى بطنها فسقطت على الدرج واصيبت بنزيف حاد واغمى عليها وغادر الضابط المنزل على الفور وحين نقلت المرأة الى المستشفى لفظت انفاسها الاخيرة هناك¡ بقية القصة ان سيارة الشرطة عادت بعد ذلك الى المكان لمعاينة الحادث فقام الاهالى بمحاصرتها واحراقها ومطاردة الضابط الذى اطلق اعيرة نارية لتخويف مطارديه وفر هاربا
مثل هذه الحوادث البشعة تسكت عنها الداخلية عادة ¡ وفى حالات استثنائية فان الضباط المتهمين يبرأون او تصدر بحقهم احكاما مخففة¡ الامر الذى لا يطمئننا الى ان مثل هذه الجرائم يحاسب عليها مرتكبوها بالحزم الواجب .هل كثير علينا ان نطالب بتشكيل لجنة برلمانية لتقصى حقائق هذه البشاعات التى تسمم حياتنا بين الحين والاخر¿