ما سمعت مثلها من كلمة رنانة
ولا دخلت مثلها من غرفة أنانة
حرف الصفير وحرف الغن منحاها رصانة
والألف بين تكرارهما كأنها سجانة
والهاء حرف الهمس يهمس بأمانة
لست أدرى أمنحوتة فى الصخر مزدانة
أم انه حجر أصم أبكم بني جدرانه
قبل الدخول ليس في اللفظ شيء اشانه
وبعد الدخول فاللفظ للمعنى إبانة
بابها كان الدخول ليس الخروج عنوانه
وجدرانها لفرط القرب تعانق بعضها نشوانة
والسقف عن أرضها تسامى كأنه الملك وهى شيطانة
وبالسقف روزنة تنظر إليك من علِ ٍشمتانة
وهى لنفاذ شعاع ضوء الشمس ندمانة
أو بذرات من الهواء مع الغبار منانة
قلت :
يا زنزانة..الستُ عبد الله ابتغى رضوانه
.وأنت امة الله تسبحين وتحمدين غفرانه ؟
فلم التجافى وليكن بيننا عهد نصون اركانه ...
قالت:
صدقت إنى احبك فى ذات الله غيرانه
وأبكى لمثلك حين يدخلنى وحين يبث إلى احزانه
.لكنى مسخرة لمن غلب ليس بالوسع عصيانه
والدهر قلاب والأيام بالأنام دول حتى يؤول الله قراّنه
قلت:
اذاً فعفو الله أوسع لى ولست أنت بمدانه
وفضل الله يغمرنى وليس فى الحبس إهانة
يوماً فيوماً صارت بيننا ألفة نبيت الليل رهبانه
فان قرأت رددت صوتى واتت لا تمل قرانه
.وان دعوت أمنت خلفى وتيقنت احسانه
وان سكت دعتنى الى قلم وقالت بث اشجانه
.وإذا الأيام تترا بصاحبتي كأنها الفردوس مزدانه
وكأن جدرانها تحوطني وتزفني فرحانه
والسقف تاج علي رأسي والروزنة مرجانة
والأرض في موكب العرس تحملني وهي تيهانة
وكأن فتح بابها او غلقه عزفٌ بث ألحانه ....
لا تسل كيف واقرأ سورة الكهف تنبيك بأمانة
وانظر إلي وحشته وإلي الظلام يلف أركانه
وإلي الشقوق والثقوب قد خربت بنيانه
وإلي الهوام والحيات وهي تقتسم جدرانه
وأنصت تري صمتاً رهيباً يفزع الاّذانا
وضع يديك تلمس الصخر والحصي أسنانا .....
يأوي إليه فتية ملأ الله قلوبهم إيمانا
وتنزل رحمة ربي بينهم منشورة نشرانا
من ذا الذي يمسكها وقد أرسلت رحمانا
والرفق يملأ الجنبات ويظلل النفوس فتيانا
ويد الرحمن تقلب جنوبهم وتحفظ الأجساد يمنة ويسرانا
والشمس تزور كهفهم تمنحهم أشعتها
عند الصباح وفي المساء تطوف طوافانا ..
حتي الكلاب بسطت ذراعيها وأبت أن تغمض الأجفانا
وباتت تحرس جند الله طائعة وقربانا
لم يكن عاماً ولا عمر شيخ أفني زمانه
ولا جيل من الناس ولا زمان زعيم مد طغيانه.........
لكن ثلاث مئين من السنين تسع منها مزدانه
والناس في غفلة عنهم وعين الله يقظانه
لو اطلعت منهم بنظرة وليت الفرار ملئت رعبانا
حراسة أخري عناية كبري تلف الدهر فتيانه
وهم فى الكهف ..لا بل جنة الفردوس وهى جزلانة
من قام يدعو إلى الحق بالحق وابانه
وكان الله غايته ورسوله له أسوة والفعل إحسانا
وكان القراّن دستوره ومنهجه والجهاد أفعاله
ولقيا الله أمنيته يغدو إلى الموت فرحانا
يسعد بلهفة ويفرح بفزعة لتفدى الروح أوطانه ..
فالكون كله له حرس والمصيبات على رأسه تيجانا
وكل الدنيا تسعى لخدمته وتسعد أن تصون أركانه
وأول الأيدي تمتد لخدمته لعمر الله سبحانه
أرأيت من قضى بالكهف نحبه أو من عاش عمرا بزنزانة
هل صان موسى إلا قصر فرعون وهل حاطه إلا سقوفه وجدرانه
فنم قرير العين أو قم فرتل القراّن ..
وافرح بصدق واحزن بعمق وتنفس الصعداء أحيانا
واركض مع الحداد أو قم فداعب الإخوانا
ما دام كل ذلك في رضا ربى وما دمت حراً في أعماق زنزانة
حريتي في قلبي وقلبى ملك ربى وربى صاغ فكرى بالقران إحسانا
وسنة النبي عليه صلاة ربى مصباحي ومرساي اذا تباعدت شطانا
وصحبة صحبي وإخواني وزوجاته امى وانصاره رحمى ارق الناس وجدانا
فضيقي يا دنيا بنا أو اتسعي فكل عندي سيانا
فإن ضقتي فبنفسك وإن اتسعتي فصدورنا أوسع منك أركانا
وأقبلي يا أخري بالجنات أو بالحور أو بالمسك والياقوت علي الرؤوس تيجانا
انا لا أقول الشعر ولكني أصدق القول .........والصدق عندي اقوي القوافي وأعمق البحور وأصدق الأوزانا
جاء النبي يقول ليس بالشعر ولا بالنثر فكان بالحق قراّنا
فإذا الشعر صريعاً والشعراء خرسانا
وإذا القوافي محطمة وبحورهم غرقي والأوزان خسرانا
فدعني أقول بصدق لا تحنث الأيمانا
أحكي حكاية حق ووصف بر واحسانا
إني هوية ديني وأحببت أمتي وألفيت نفسي بالإسلام إنسانا
روحي وديني في بدني.....تزول روحي ويبقي الدين في الأبدان أركانا