أيها الظالمون في الأرض مهلاً إنَّ في الأرض والسمــا جبَّـارا
فاتقوا اللَّهَ إن للهول يومًــا فيـه- من ظُلمكم- ستصْلَونَ نارا
يوم تبيِّض من تُقَاهـا وجوهٌ ووجوه تســـودُّ خِزيًا وعــارا
لا تظنوا السلطـانَ يبقَي لحيٍّ خُلِــقَ الدهـــرُ قُلَّبًــا دوَّارا
إن تَرَ اليومَ منهُ أمنًـا وودًّا فستلقــاهُ في غـــدٍ غــدَّارا
فاتقوا الله في العباد وإلاَّ ســوفَ تغْدُون عِبْرةً واعتبــارا
******
لا تظنوا الرمادَ يعنِي خُمودًا إن تحتَ الرمادِ جمرًا.. ونارا
لا تظنوا السكونَ يبقى سكونًا إن خلفَ السكون عصْفًا مُثارا
فكفانا.. خمسون عامًا من الظلـ ــمِ أذقتم فيها العبادَ المرَارا
كم وعدتم، وكم نقضتُم وُعودًا وعهودًا، وخُنْتمو الأحرارا
كم سمعنا عن الكفاية والعدْ ل، ومستقبلٍ يفيضُ ازدهارا
فإذا عدْلكم ظلامٌ.. وظلمٌ وكفاياتكم.. أرتْـنا الخَسارا
قد تسلَّمْتمُو البناءَ صُروحًا وبأيديكمُو هوَى.. وانهارا
فالرشاوَى للمجدِ خيرُ طريق ولمن رامَ منصبًا ويسارا
فغدتْ مصرُ- بعد مجدٍ وعز- وطنًا ضائعًا، وشعبًا مُضارا
بينما الأرضُ للكبار مَشاعٌ لقصور تُطاولُ الأقمارا
في شمالٍ وفي جنوب تراها و«مَرينا» بسحرها تتبارَى
عربَد الليلُ في مداها فمالتْ في انتشاءٍ كئوسُها والسُّكارى
غيرَ أن القبورَ صارت ديارًا للذي لم يجدْ لسُكناهُ دارا
كلهم ميِّتٌ وإن كان هذا ظاهرًا فوقها، وهذا تَوارَى
******
أنا لم أسرق القروضَ من البنـ ـك، ولم أختلسْ جهارًا نهارا
لم أبعْ ذمتي، ولا خنتُ يومًـا أو لبستُ الرياءَ ثوبًا مُعـارا
أنا لم أقتحمْ بيوتًا مع الفجـ ـر، وأُفزع أطفالَها والعذارى
لا وما زوَّرتُ انتخابًا، ولا كنـ ــــتُ دعيًّا أسايرُ الأشرارا
إنما عشتُ شامخًا بيقيني رافعَ الرأس عزةً وفخارا
أنا ما بعتُ أمتي برخيصٍ أو بِغالٍ، ولم أُخرِّبْ ديارا
ما اتخذتُ الإرهابَ دينًا ونهْجًا لا، ولا حتى فكرةً وحوارا
******
فلماذا أصيرُ رهن اعتقالٍ وأعاني القيودَ والأسوارا
وأعاني لهيبَ شوقي لطفل وبنات للحزن عشن أُسارى؟!!
زوجتي رُمِّلت وما أنا مَيٍْتٌ وهْيَ- مِن غيبتي- تذوب انتظارا
حَمَلَت ما حملت قبلاً، فقامتْ تشكرُ اللهَ قُربةً واصطبارا
وصغاري تيتموا في حياتي "يا يدَ الظلم ما رحمْتِ الصغارا"
لم يعيشوا في العيد بهجةَ عيدٍ و تزيَّوا بِِزيِّه استبشارا
واتقوا دعوةً لأمٍّ تعاني مرضًا فادحًا عليها أغارا
في ليالي الدموع والكرب نادتْ "يا إلهي بك الكسيرُ استجارا
يا نصيرَ المظلوم إنا ظُلِمنا وغُلبْنا فانتصرْ لي انتصارا"
إنها دعوةٌ إلى الله هزَّت من أساها الملائكَ الأطهارا
أيها الظالمون في الأرض مهلاً إنَّ في الأرض والسَّما جبارا
كيف أُرضيكمُو: أأُصْبحُ لصًّا أم غبيًّا غباؤُه لا يُجارَى؟
أم أقضي المساءَ سُكرًا ورقصًا وأُؤاخِي الفجَّار والشطارا؟
أم أصوغ المديحَ في موكبِ الذل نفاقًا، وأنظمُ الأشعارا؟
******
أنا لا أستطيعُ أنقضَ عهدًا بيقيني كتبته.. مختارا
فاتخذتُ الرسولَ خيرَ إمام ورضيتُ الإسلامَ دينًا ودارا
وتبعتُ القرآنَ دستورَ حقٍّ وحياةً، وحكمةً، ومنارا
وتأثرتُ خالدًا، وعليًّا وصُهيبًا، وجعفرَ الطيارا
ولذا عشتُ شامخًا بيقيني رافع لرأس.. عزةً وفخارا
أبذل النفسَ والنفيسَ لديني لا أبالي الخطوبَ والأخطارا
******
فاتركونا لله في صُحْبة الفجـ ـر، نعطِّرْ بوِرْدنا الأسحارا
اتركونا لله ننشرْ شذا الحق ونُطلعْ من الظلام النهارا
كي نُروِّي القلوبَ نورًا وحبًّا بعد أن أجدبتْ وصارت قفارا
اتركونا لله ننقذْ شبابًا.. تائهَ الخطْو، حائرًا منهارا
"يا شباب الحمى تعالََوا فإنَّا لا يمينًا نريدُه أو يسارا
إنما شرعة الإله، وإنا نفتديها عقيدةً وشعارا
******
فاطمئنوا فما لدُنيا نهضنا بل رفضنا رُواءَها والنُّضارا
ويمينًا لن ننزعَ الحكمَ منكم فبكم صارَ حكمُكم.. أصفارًا
لا، ولن نقلبَ النظامَ فأنتم قد وفيتُم بقلبِهِ فانهارا
فاتقوا اللَّهَ في العباد، وإلاَّ سوف تغدون عبرةً واعتبارا